سأسميها روزا احتفاءا باللون الزهري الدي رأيتها ترتديه آخرة مرة...لم يكن توبا يستر جسدهابل بالكاد يخفي عورتها ...اتكأت على حائط مقهي شعبي ,أسنانها تصطك من شدة البرد وشعرها الأبيض تكلله قطرات مطر جادت بها سماء داك الصباح...كانت روزا تدخن سيجارة من النوع الرديءوهي تحملق في السماء الملبدة بالغيوم...تسترجع دكريات الليل الحزينة ...تنفت بعصبية دخانا التأم في صدرها,تضحك بملء شدقيها تم تلعن الدنيا ومن يتق بها,لاتبال بنظرات الفضول التي تكاد تجردها مما بقي عليها من
أسمال...لكنها تفر هاربة أول ما تبصر جماعة من الصبية تتجه نحوها...تسبهم ,ترميهم بالحجارة لكنهم دوما ينتصرون عليها فتولي الأدبار وتنسحب من الميدان.ا .
روزا كانت يوما طفلة جميلة بشعر أشقر ,كانت تحب الشوكولاتة وبالونات الهواء...وكانت ظفائرها تمتد لتتجاوز الخاصرة ...كانت طفلة مدللة فهي وحيدة أمها ...أبوها مات قبل أن تصبح بداكرةتستطيع حفظ صور الأشخاص والأشياء...على الأقل هكدا قيل لها فأخدت على نفسها عهدا أن تبكيه كل عيد...ربما يحن لحالها مرة فيـأتي لزيارتها ولو في المنام ...الموتى لايزورون إلا من خلال الأحلام ..هكدا علمتها الجدة وهكدا تروي كل الأحجيات...حين اشتد عودها أصبحت تبحت في وجوه كل الناس عن وجه أبيها...كل من طبع على خدها الصغير قبلةحنان تقول هو دا أبي...لكنها تستيقظ من أحلامها مصدومة بعد ان تكتشف يدا امتدت تتحسس جسدا لم يكتمل نموه بعد...ترمي ما باليد من شوكولاتة....تبكي وتهرول إلى حضن والدتها ...تبكي هي الاخرى تم تمسح دموع الصغيرة وتخبرها أنه قدر الفقراء...مااجنمعت يوما عزة النفس والكرامة في الفقير المعدم من الرجال فبالأحرى في امرأةتتعيش مما تجود به عليها ربات البيوت بعد أن تكد في خدمتهن.
روزا تغيرت حالها بعد أن تفتح صدرها عن كوزي رمان وانتفخت خاصرتهاواستمعت لكلام شاعري نبست به شفتا ابن الجيران في قلب أدنيها...أخبرها انها ملاك في صورة امرأة...وأن الليل ينهل سواده من سمرة حاجبيها وأن الضياء تجمل من لون شعرها الأشقر وأنه داك العام بالدات لم يجن الناس تفاحا لأن التفاح التأم في خديها وأن جميع كراسات مدرسته تعرف أنه متيم بها...ماعاد ينطبق له جفن مند اكتوت جوارحة بنار عشقها...طالبها أن تسائل عنه الليل فهو يعلم سره المكنون وأن تسمع دقات قلبه فهو العاشق المجنون وأن تنظر في عينيه لتعرف اي الناس يكون...وحين دنت من عينيه كانت عيناها مغلقتان لاتستطيع رفع جفنيهما وكانت شفتاها تمتدان لتلتحما بشفتيه وكانت قطرات دم تسيل على فخديها وكانت دموع عاصفة تنهمر من مقلتيها...عبتا حاول ابن الجيران أن يهدأ من روعها...لم تعد كلمات الغزل تحمل دات المعنى الدي حملته قبلا...أدرك أن الموقف يحتاج حكمة أكترفحمل يدها
إلى فمه تم شابك أصابع يديهما معاهدا إياها أن يظل حبيبا إلى الأبد, وفيا إلى الأبد,وأن تظل امرأته إلى الأبد
مالم تكن تعرفه روزا هو أن هدا الأبد قريب جدا ...لقدأتى قبل أوانه كانه على عجل من أمره...ابن الجيران لم يعد يكتب فيها شعرا ...لم يعد يعترض طريقها ...ولم يعد يبال بحركاتها الرشيقة...بل وحتى لما أخبرته عن انقطاع العادة الشهرية عنها لم يعتبر أن الموضوع يعنيه في شيء...لم تستطع أن تخبر والدتها فالمصيبة اكبر من أن يتحملها داك الجسد النحيف المحفوربسياط الحرمان...انتظرت حلول الظلام...لم يكن ابن الجيران ساهرا يرقب غرفتها تسللت إلى خارج البيت ...ألقت نظرة أخيرة على نافدة غرفته الموصدة وأخرى على المدينة النائمة ورحلت تبكي...تردد في قرارة نفسها كلمات والدتها أن الفقر والكرامة وعزة النفس لا يجتمعون أبدا
رحلت روزا ليلا في اتجاه المجهول بعد أن رفضتها المدينة واغتصبت بسمتها الطفولية الجميلة...رحلت خوفا من الخزي والعاربعد أن أيقنت أنهالم تعدتلك الصبية الصغيرة الوديعة... تحمل في داكرتها صورا لليلة قضتها في غرفة ابن الجيران...وفي الأحشاء تمرة لداك الاشتهاء الممنوع....ارتمت في حضن أول سيارة توقفت عند قدميها حتى قبل أن يكلمها سائقهاواختفت كما الأشباح خائفة من خيوط ضوء يوم لا تعلم مادا يحمل لهامعه...لكنها موقنة أنها تطوي صفحة من كتاب حياتها لتبدأ أخرى.
//يتبع//